18026.jpg

أرمينيا تكرم محام مسلم من الروهينغا بجائزة إنسانية بقيمة 1.1 مليون دولار

أرمينيا تكرم محام مسلم من الروهينغا بجائزة إنسانية بقيمة 1.1 مليون دولار

جاء إعلان فوز كياو هلا أونغ، وهو محامٍ من ميانمار، بـ «جائزة أورورا للصحوة الإنسانية»، البالغة قيمتها 1.1 مليون دولار أميركي، بمثابة مفاجأة، خصوصاً أنه كان واحداً من بين المرشحين الثلاثة في المرحلة النهائية، وأن المرشحَين الآخرين كانا جيدين جداً ويتمتعان بشخصيتين قويتين، وقصص رائعة. كان الفوز مفاجئاً لأن المحامي البالغ من العمر 78 سنة، أمضى حياته كلها في ولاية راخين في ميانمار المعزولة، وهو غير معتاد على قصّ حكاية شعبه في دقيقتين، كما نفعل جميعاً في أيامنا هذه، ولأن كياو هلا أونغ أمضى حياته يدافع عن حقوق أقليات الروهينغا، وهم مسلمون في ميانمار البعيدة، ضدّ السياسات التمييزية التي تمارسها حكومته.

ولكن بعد البحث والتدقيق، نجد الخيار صائباً تماماً، إذ إنه تم إطلاق جائزة «أورورا» خلال الاحتفال بمئوية الإبادة الجماعية الأرمنية. وفي هذا الإطار، قالت ماري روبنسون، العضو في لجنة الاختيار، والمفوضة السامية السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ورئيسة إرلندا السابقة: «يجسّد عمل كياو هلا أونغ روحية جائزة «أورورا»، إذ إنه يثبت الأثر الاستثنائي الذي يمكن أن يتركه الفرد في مضمار مكافحة الظلم الذي غالباً ما يبدو أنه لا يهزم، ويلـــهمنا لنفهم كم يلزمنا من الشجاعة لدعم الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم».

تتفاوت السيرة الشخصية لأونغ مع تاريخ شعب الروهينغا. وهو كان محامياً في منطقته، وحتى مرشحاً لمقعد برلماني، عندما بدأت سياسات التفرقة بحق الروهينغا أواخر سبعينات القرن العشرين. وقررت السلطات العسكرية أن تعتبر الروهينغا من «البنغاليين»، ما يعني أنهم اعتُبِروا مهاجرين من بنغلادش المجاورة. ولم يشمل دستور العام 1982 الروهينغا في «الأعراق الوطنية» البالغ عددها 135 في بورما، وغض النظر عن حقوقهم المدنية والسياسية.وتمت تصفيتهم من الوظائف الرسمية، واضمحلّت حقوقهم السياسية تدريجياً. وفي العام 1986، صادرت السلطات الأراضي من المزارعين. وفي تلك المرحلة، لم يتقدم أي محامٍ للدفاع عن حقوقهم، مع العلم أنه عندما قرر المحامي كياو هلا أونغ تولي قضيتهم، أطلق مسيرة مهنية تقوم على الدفاع عن شعبه. وبسبب كفاحه هذا، تعرض للاعتقال مراراً، وأمضى مجموع عشر سنوات خلف القضبان.

في العام 2012، هاجمت مجموعات متطرفة مدنيين في مدينة سيتوه الروهينغية الرئيسية. وقال «إن الشرطة كانت موجودة في المكان، وقد أمرتنا بالبحث عن ملجأ في حرم الجامع، بينما كان الإرهابيون يحرقون منازلنا». وهو يقيم اليوم مع آلاف الروهينغا الآخرين في مخيّم للاجئين الداخليين. وأضاف: «خسرت كل كتبي».

كل ما فعلته حركة الروهينغا المتمردة الإسلامية هو زيادة العنف. وبنتيجة العنف الجماعي ضد الروهينغا بين 2015 و2017، اضطر 650 ألف شخص على الأقل إلى الهروب من بلادهم إلى بنغلادش، ليتخطى عدد الروهينغا في بنغلادش المليون، في حين يعيش 53 ألف شخص منهم الآن في مخيمات داخل بلادهم. ولم يبق إلا 400 ألف شخص في بلاد منشأهم، علماً بأن حضارة الروهينغا بحد ذاتها مهددة اليوم، ولن ينقذها إلا غضب دولي صارخ وتغيير لسياسات الدول.

أسّس المبادرة ثلاثة أرمن هم فارتان غريغوريان الذي يترأس حالياً مؤسسة كارنغي في نيويورك، ورائدا الأعمال نوبار افيان وروبين فاردانيان، وكانت مبادرتهم تستند إلى ذكرى الأشخاص الذين لم يبقوا غير مكترثين إزاء مصير الضحايا الأرمن، وحاولوا التصرّف للمساعدة. واليوم، وبعد مئة عام، باتت جائزة «أورورا» تمثّل أحفاد الناجين من أول إبادة جماعية عصرية، الذين مدّوا أيديهم لمساعدة ضحايا عنف جماعي آخرين. وبالتالي، ما الذي يجسّد روح جائزة «أورورا» أكثر من أشخاص يعانون الظلم عينه بسبب المجازر، والإبعاد، واستئصال حضارتهم من جذورها بسبب هويتهم الدينية والعرقية؟

حصل كياو هلا أونغ على جائزة 1.1 مليون دولار، لكنّه لن يحتفظ إلا بمبلغ 100 ألف دولار من هذا المبلغ، وقد اضطر إلى تسمية ثلاث مؤسسات ستحصل على المليون دولار المتبقي. وقد سمّى مؤسسة «أطباء بلا حدود» في المملكة البريطانية، ومؤسسة الإغاثة الطبية الماليزية، ولجنة الهجرة والكاثوليكية الدولية في سويسرا، لتتلقى الأموال. وبالنظر إلى أن جائزة «أورورا» هي رمز للعطاء، تسنّت لكيوا هلا أونغ الفرصة ليعطي بدوره.

وقد سألت كيوا هلا أونغ كيف يمكن لاضطهاد الروهينغا أن يبقى مستمراً في حين تترأس دولة ميانمار آونغ سان سو تشي المدافعة عن حقوق الإنسان والفائزة بجائزة نوبل. وأجاب بأنها لا تتمتع بنفوذ فعلي، وبأن السلطة حالياً ممسوكة من الجيش. وأضاف أنه لم يلتقها يوماً، لكنّه يأمل بأنه في ضوء الاهتمام الدولي بعد حصوله على جائزة «أورورا» «أن تدعوني، فأشرح لها ما علينا أن نفعله». والحال أن الروهينغا لا يطالبون بالانفصال، أو بإنشاء وحدة مع بنغلادش، مضيفاً أنّ «جلّ ما نريده هو العيش في ميانمار، لكن مع البقاء في ظل القانون والنظام».

بقلم: فيكين شيتيريان، نقلا عن الحياة.

scroll to top