14888.jpg

ديلارا أتيش من تركيا تعود إلى جذورها وتزور صرح الـ تسيتسرناكابيرد

ديلارا أتيش من تركيا تعود إلى جذورها وتزور صرح الـ تسيتسرناكابيرد

التقت وكالة “آرمين برس” مع المواطنة التركية ديلارا أتيش التي جاءت إلى أرمينيا بعد أن اكتشفت جذورها الحقيقية فقامت بزيارة نصب شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية وحكت لوكالة الأنباء الأرمنية عن رحلة إكتشافها لهويتها وجذورها والمخاطر التي واجهتها.

فيما يلي النص كما ورد على موقع وكالة آرمين برس:

الإبادة الجماعية الأرمنية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية دمّرت حياة ومصائر الملايين من الناس واضطر آلاف الأرمن إلى الانتشار في جميع أنحاء العالم، في حين أُجبر آخرون على العيش بحياتهم في جمهورية تركيا– عن طريق إخفاء أصلهم وهويتهم. وعلى هذا الطريق حاولوا أيضاً أن يُبعدوا أجيالهم عن الماضي المؤلم وعبئه الثقيل، وذلك عن طريق إخفاءهم الحقيقة عن جذورهم وأصلهم وهويتهم.

ولم يعرف بعض ممثلي هذه الأجيال أنهم أرمن بل اقتنعوا بأنهم أتراك وكرد وبقي بعض الأرمن الذين تمكنوا بطريقة ما البقاء على قيد الحياة خلال سنوات الإبادة الجماعية. ومع ذلك كان هنالك أشخاص وبعد ما يقارب قرن من الزمان بدأوا في حفر ماضهم لفهم من أين أتوا واكتشاف هويتهم الحقيقية.

ديلارا أتيش، البالغة من العمر23 عاماً هي واحدة منهم وهي قامت بزيارتها الأولى لأرمينيا. اجتمعنا معها في صرح تسيتسرناكابيرد التذكاري للإبادة الجماعية الأرمنية في يريفان حيث حكت عن السنوات الأولى من حياتها بديرسيم حينما لم تكن حتى تتخيل أن لديها جذور الأرمنية حيث قالت: “في المدرسة، حيث كنا نتعلم في ظل النظام السني الكمالي، كنا نواجه مشاكل مع الهوية. لقد لاحظت أن أسر عائلات الطلاب الآخرين تختلف عن أسرنا. بالفعل من هذه السنوات بدأت أسأل نفسي- لماذا نحن مختلفون؟”.

وتقول أن أول اكتشاف لها حدث في المدرسة الثانوية: “كان عمري ما بين 15-16 سنة وكنت أعيش في اسطنبول مع والدتي. جاء أقاربي لزيارتنا من بورصة بمن فيهم جدتي الكبرى من جانب والدتي فينتوز وأعمامي. أدّت محادثة عادية إلى جذورنا وقال أحد أعمامي أننا في الواقع أرمن وأن جدتي كانت قد أخبرته. كان هذا خبر هام بالنسبة لي وبدأت أفكر فيه. بعد ذلك بدأت البحث عن من أنا”.

مع الدهشة تتذكر ديلارا أنه على الرغم كان هنالك العديد من المساجد في حيهم، ولكنها كانت دائماً تذهب إلى الكنائس منذ الطفولة وتضيف: “كانت هنالك كنيسة يونانية قديمة بالقرب من منزلنا، يوماُ ما ذهبت إلى هنالك. شعرت بشيء غريب، كان نوعاً من الشعور الآخر. ومنذ ذلك الحين بدأت ارتداء الصليب. على الرغم من أنني لم أتعمّد بعد ولكن أنا أرتدي واحدة منذ تلك الأيام. كنت أرتديها في المدرسة أيضاً، مما دفع زملائي إلى نعني بأسماء، مثل الملحدة، الكافرة، وعندما قلت لهم إنني أرمنية بدأوا تشويه صورتي”.

وكانت خلال هذه السنوات ديلارا قد قررت بوضوح دراسة وتعلم الأرمنية حيث تقول: “بدأت تعلم الأبجدية بمساعدة صديق. لمدة أسبوع ونصف تقريباً حاولت أن أتعلم الأحرف ليلاً ونهاراً. لقد نجحت” وتذكر ديلارا ذلك مع فرح، مشيرةً إلى أنه إذا كنت تفعل شيئاً ما بحب، فإنك سوف تنجح بالتأكيد.

اليوم، ديلارا هي طالبة في السنة الثانية في كلية اللغة الأرمنية والأدب من جامعة إرسيز في قيصري، تركيا. كان عليها أن تفوّت الصفوف الأولى من العام الدراسي الجديد بسبب زيارتها لأرمينيا، لكنها تقول انها لا تأسف على ذلك، مشيرةً إلى أنها تعلمت الكثير هنا.

بعد التسجيل في الجامعة بدأت في النظر في الموظفين والمحاضرين ووجدت أن لديها ثلاثة محاضرين أذربيجانيين وتضيف: “هنالك العديد من الجنود في الكلية حيث أدرس، وهم يدرسون الأرمنية. وبطبيعة الحال دراسة اللغة ليس هدفهم الرئيسي – هناك قانون في تركيا حيث يتم دفع الجنود للدراسات العليا أكثر. وكثير منهم يدرسون للحصول على الدبلوم، في حين يسعى آخرون للانضمام إلى صفوف جهاز الاستخبارات الوطنية”.

وقد أدت اهتمام ديلارا بأرمينيا بالفعل إلى جعلها في مأزق بالجامعة – حيث أجرى مكتب رئيس الجامعة تحقيقاً خاصاً في أنشطتها وارتباطها المحتمل بحزب العمال الكردستاني. ومع ذلك فإن هذا لم يمنعها من زيارة أرمينيا.

وفي معرض حديثها عن زيارتها أكدت ديلارا أن اللحظة الأكثر عاطفية بالنسبة لها كانت في كنيسة خور فيراب- عندما شاهدت جبل آرارات للمرة الأولى حيث تقول: “عندما رأيت آرارات في الطريق إلى خور فيراب لم أفهم ما حدث لي وبدأت الدموع تنهمر من عيني. عندما خرجت من الكنيسة وأردت التقاط صورة، بدأت في البكاء وكانت هذه هي المرة الأولى التي رأيت آرارات من هذا المسافة القريبة. الناس من حولي اقتربوا مني وبدؤوا بتهدئتي وبطبيعة الحال استمر ذلك الأمر لمدة ساعة ونصف”.

وتقول ديلارا أن إحدى قدمها كان على الحدود التركية، في حين أن الآخر على أرمينيا وتقول: “قرأت كتاباً بإسم كاروت (الحنين) لهراتشيا كوتشار وكان لي الترجمة التركية من هذا الكتاب في بلدي ديرسيم. لقد أعجبت جداً وتأثّرت بشخصية أراكيل. كان ينظر إلى آرارات من حدود أرمينيا السوفيتية ويذكّرنا عن منزله: في تلك اللحظة، كان هو في ذهني طوال الوقت “، ديلارا تسرد الحكاية والدموع تنهمر من عينيها.

وعند دخولنا إلى متحف الإبادة الأرمنية تحدّثنا عن تركيا الحالية حيث قالت: “دولة كاملة واحدة لا وجود لها في تركيا اليوم – هناك شعوب مختلفة وأفكار مختلفة ومعتقدات مختلفة. ولا أحد يحب بعضه البعض – يسمون الشركس لصوص ويسمون الإغريق كاذبين والأرمن خونة. هم أنفسهم يخلقون الأعداء. إن النظام هكذا، هم ينفذون سياسة انصهارية”.

وأعربت ديلارا عن حزنها لأن الوقت قد حان لمغادرة أرمينيا: “في البداية قلت لنفسي – سأأتي إلى هنا وسوف أرى أرمينيا لمرّة أخرى ولكن الآن أفكر في العودة هنا كل عام وآمل أن أعود مرة أخرى لفترة أطول. بالإضافة إلى ذلك، أفكر في مواصلة دراستي العليا بعد تخرج من الجامعة. آمل أن تصبح رغبتي حقيقة مع مرور الوقت.

أشعر بالهدوء هنا، ولكن حقيقة مغادرتي يسبب لي الحزن. إلى حد ما أنا من هناك، على الرغم من أن شعبي من هنا. دعونا نضع الفكرة بهذه الطريقة- سوف أذهب إلى الطرف الآخر من خور فيراب”.

وقبل مغادرتها لمتحف الإبادة الجماعية الأرمنية توقفت في سجل الزوار لفترة طويلة واختتمت أفكارها بالكتابة في اللغة الأرمنية: “أرمينيا تعني الحنين إلى الوطن”.

scroll to top