13885.jpg

سان لازارو.. الجزيرة الأرمنية في قلب أوروبا

سان لازارو.. الجزيرة الأرمنية في قلب أوروبا

سان لازارو , و هي جزيرة صغيرة في بحيرة البندقية شمال ايطاليا تقع جنوب مدينة البندقية و قد قدم إلى الجزيرة مجموعة من الرهبان الأرمن الكاثوليك على رأسهم الأب مخيتار سيباستاتسي عام 1715 ليتخذوها موطناً و يبنوا فيها ديراً عرف باسم دير “سان لازارو”. و في 8 ايلول من عام 1717 تنازل مجلس شيوخ البندقية عن جزيرة سان لازارو للرهبان الأرمن الكاثوليك و لكن طُلِب من الرهبان عدم تغيير اسم الجزيرة.

و عندما استلم الأرمن الجزيرة , بدأوا ببناء دير من طابقين. و تم ترميم كنيسة سان لازارو المهجورة و قاموا بتشييد الحدائق و المباني السكنية و مباني لاهوتية و غيرها. و قد تم الانتهاء من بناء الدير عام 1740.

تمثال الراهب مخيتار سيباستاتسي في حدائق جزيرة سان لازارو من عمل الفنان الايطالي انطونيو باجيو.

تمثال الراهب مخيتار سيباستاتسي في حدائق جزيرة سان لازارو من عمل الفنان الايطالي انطونيو باجيو.

و قد سقطت الجزيرة عام 1797 بيد نابليون الى ان جماعة الرهبان الأرمن المخيتاريين تركوا بسلام و لم يسمهم احد و يزعم البعض ذلك الى ان “وجود مسؤول أرمني في أمانة نابليون امر لا غنى عنه” و في عام 1810 وقع نابليون مرسوماً اعلن فيه امكانية استمرار جماعة الرهبان الأرمن في الوجود باعتبار الدير اكاديمية.

وقد وصف لنا الكاتب و الروائي الامريكي ويليام دين الجزيرة عام 1866 بعد زيارتها : “كمركز للتعلم , سان لازارو اشتهرت بين الأرمن في جميع انحاء العالم لأنها جمعت تحت سقفها افضل علماء و شعراء هذه الأمة. و ما تحويه من طباعة ببثلاثين لغة مختلفة. و عدد من الآباء وظفوا انفسهم للتنقل باستمرار”.

و تضم الجزيرة حالياً بعض القطع السكنية و مكتبة ضخمة جداً بالاضافة لمتحف و معرض صور و دار مخطوطات تعتبر ثالث اكبر دار مخطوطات أرمنية في العالم بعد الماتيناداران في أرمينيا و بطريركية الأرمن في القدس و يوجد فيها اول كتاب أرمني مطبوع عام 1512 من قبل هاكوب ميغابارت, و اهم ما فيها مكتبتها التي تضم حوالي 200 الف كتاب و دورية مطبوعة. و الى ذلك كله يضم متحفها مومياء مصرية جلبها إليها احد وزراء مصر ذو الأصل الأرمني –بوغوص بيك يوسفيان- عام 1825 و تضم مزهريات للاتروسكان و تحف صينية و تاج هندي و يضم المتحف ايضاً سيف الملك ليو الخامس اخر ملوك مملكة كيليكيا الأرمنية.

متحف جزيرة سان لازارو و الذي يضم مومياء مصرية جلبها إليها احد وزراء مصر ذو الأصل الأرمني –بوغوص بيك يوسفيان- عام 1825 و تضم مزهريات للاتروسكان و تحف صينية و تاج هندي و يضم المتحف ايضاً سيف الملك ليو الخامس اخر ملوك مملكة كيليكيا الأرمنية.

متحف جزيرة سان لازارو و الذي يضم مومياء مصرية جلبها إليها احد وزراء مصر ذو الأصل الأرمني –بوغوص بيك يوسفيان- عام 1825 و تضم مزهريات للاتروسكان و تحف صينية و تاج هندي و يضم المتحف ايضاً سيف الملك ليو الخامس اخر ملوك مملكة كيليكيا الأرمنية.

وقد كتب آرمين كالفيان عام 1935 ان الجزيرة عبارة عن “خلية نحل حقيقة من النشاط الادبي الأرمني”. اذ ان من اهم اصدارات دار نشرها التي انشئت عام 1789 هو “مطبوخ الأرمن” الذي يكشف التقويم الفلكي لاحوال الطقس لمدة عام و الذي يصدره الرهبان الأرمن الكاثوليك كل عام و قد اعتمد على مطبوخ الأرمن لاكثر من قرنين في ايطاليا و “كان يصل منه كميات كبيرة” الى سوريا عن طريق الكنائس الأرمنية. و قد اصدرت دار نشرها قاموس اللغة الأرمنية الكلاسيكية بالاضافة الى اصدارها مجلة دورية “بازمافيب” و هي مجلة ادبية تاريخية علمية يستمر نشرها منذ القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا. و تعتبر مطبعة الجزيرة اقدم دار نشر للأرمن في العالم. و قد قال البعض ان رهبان الجزيرة عملوا بشكل كبير على اثبات التقارب بين الثقافة الأوروبية و الأرمنية. و كتبت النيويورك تايمز عام 1919: “لاكثر من قرنين تحولت هذه الجزيرة الى واحة أرمنية زرعها الأرمن في بحيرة البندقية”.

ويوجد في الجزيرة تمثال للاب مخيتار سيباستاتسي منحوت من قبل الفنان الايطالي انطونيو باجيو. و تضم الجزيرة نصب لشهداء الإبادة الجماعية الأرمنية. و تضم الجزيرة العديد من الصلبان الحجرية الأرمنية “خاتشكار” و التي تبرعت بها الحكومة الأرمنية للجزيرة عام 1987.

احد منشورات القرن التاسع عشر الانكليزية وصف الجزيرة و ديرها بانهم باختصار ” يمكن اعتبارها عاصمة الأدب الأرمني”.

وقد زار الجزيرة العشرات من الادباء و الشعراء و الكتاب و السياسيين و يعتبر هرانت مالويان -القائد العسكري- الأرمني السوري من خريجي جزيرة سان لازارو بين عامي 1907-1905. و منها قال الكاتب و الشاعر الانكليزي اللورد بايرون عبارته الشهيرة “اللغة الأرمنية هي لغة التحدث مع الله” بعد ان انكب على دراسة الثقافة الأرمنية في الجزيرة.

دير الرهبان الأرمن المخيتاريين في جزيرة سان لازارو.

دير الرهبان الأرمن المخيتاريين في جزيرة سان لازارو.

حالياً الجزيرة مسكونة من قبل اكثر من 50 شخص و هم عبارة عن رهبان أرمن بالاضافة إلى الاكليريكيين و الطلاب.

ويزور الجزيرة حوالي 40 الف سائح سنوياً قسم كبير منهم غير أرمن. و على هذا يمكن اعتبارها واحدة من المراكز العالمية المهمة جداً بالنسبة للثقافة و الدراسات و المراجع الأرمنية.

scroll to top