10887.jpg

الأسباب التي تمنع إسرائيل من الإعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية

حتى تاريخ كتابة هذه السطور، لا تعترف إسرائيل رسميًا بالإبادة الجماعية الأرمنية، وذلك بالرغم من تشديد جزء كبير من الأوساط السياسية، من اليمين واليسار على ضرورة إقرار قانون رسمي يعترف بذلك، لكن الحكومات المتعاقبة كانت ترفض باستمرار، فما هي أسباب هذا الإمتناع؟

لعل السبب الأول يتمثل بعلاقة تل أبيب بتركيا، وما تربطه بها من مصالح مشتركة. فقادة إسرائيل يعلمون جيدًا مدى حساسية الجانب التركي تجاه القضية الأرمنية.

السبب الثاني يعود الى العلاقات المتنامية مع أذربيجان، العدو اللدود لأرمينيا، إذ ترتبط إسرائيل بعلاقات متينة مع هذه الدولة الغنية نفطيًا والتي تزوّد إسرائيل بـ 40 بالمئة من حاجاته النفطية، فيما تبيعها تل أبيب أسلحة بمئات ملايين الدولارات، بالإضافة الى محاولة الإستفادة من الخلاف الأذربيجاني الإيراني.

يطرح الكاتب الاسرائيلي رفائيل أهرين التساؤل التالي: “هل الإعتراف بإبادة الأرمن يهمّش المحرقة؟”، ويورد تأكيدًا على هذا الرأي ما صرح به وزير الخارجية شيمون بيريز عام 2001 عندما قال: “لم يحدث أي شيء مماثل للمحرقة. ما مر به الأرمن هو مأساة، ولكنه ليس بإبادة”.

ينقسم الساسة والمثقفون الإسرائيليون في موقفهم من الإعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن الى قسمين: قسم يعتبر أن الإعتراف سوف يقلل من أهمية المحرقة التي حلّت باليهود على يد النازية خلال الحرب العالمية الثانية. والقسم الثاني يذهب الى أنّ ما تعرض له اليهود من أعمال إبادة تجعلهم ملزمين أكثر من سواهم بالمسارعة إلى الإعتراف بما حل بشعوب أخرى من أعمال شبيهة. تشدّد بعض الشخصيات الاسرائيلية المطالبة بالاعتراف بالإبادة الأرمنية ومنهم تشارني، مدير معهد الهلوكوست والإبادة في القدس، على ضرورة أن تقتدي إسرائيل بأرمينيا، التي تقوم بتخصيص موارد كبيرة لدراسة الإبادات الجماعية التي حلّت بشعوب أخرى. فالمتحف الأرمني ينشغل بتشييد مكتبة تؤرّخ للإبادات بشكل عام، فيما “تبدو إسرائيل كأنانية وغير مبالية بمآسي الآخرين، وكأن لليهود احتكارعلى المعاناة”.

أخيرًا، بالرغم من تلكؤ إسرائيل في الإعتراف بالإبادة الجماعية بحق الأرمن، يمكن القول إنّ النقاش لا يزال قائمًا في الكنيست وبين النخب، لكن اللوبي الذي يرسم السياسة الخارجية للكيان لا زال يرفض التبني الرسمي لقضية الإبادة الأرمنية.

scroll to top